بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 3 يوليو 2015

ألضياع في المجرة

        "... رحلوا دون ان ينتظروا مني ردا، ولمحت في نظراتهم ، ما أثار ريبتي، في أن هناك سرا، وانهم كانوا قد أدوا التزاما، عرفت أنه أكثر الالتزامات ايلاما، لأن المرء لا يخجل منه حتى عندما يشعر في قرارة نفسه أنه يعريه من انسانيته حتى النخاع. وعندما تبادلنا النظرات للمرة الأخيرة ، وقعت أقنعتنا كلها تباعا، الا واحدا حرصت بكل طاقتي على أن يضل ملتصقا ولو بشكل واهي على وجهي، لكي لايتبينوا حقيقة مشاعري. يومها، كان على أن أحتفظ بقناعي ليس خوفا منهم ولكن خشية أن أرى ذلك الشيء منعكسا على عيونهم .

وفي ذلك المساء أخبرتها أنه، رغم كل صلواتها ودعائها ، لن يعود اليها أبدا. و لازلت أذكر أنه قد تملكتني الرغبة في أن أضيف بأن عليها أن تغفر لهم لانهم ضحايا هم الآخرين، رغم يقينهم بأنهم على حق. غير أني لم أستطع قول ذلك، لآن احساسا غمرني بـأنهم لا يصبحون ضحايا عندما نجبر أنفسنا على أن نجد لهم العذر.

أما هي - وقد كان يبدوا أنها لم تكن قلقة ولا عابئة لضياع توسلاتها في المجرة، ولم تفكرحتى في سبب ذلك - فوضعت يدها على وجهي، وتفرست في عيني، ثم سحبت أصابعها فجاءة كما لو أن حية لدغتها ،وأخذت تبكي بحرارة، كأنها أحست بأنه ليس وجهي. وقتها لم يكن قد مر زمن طويل على كفي عن التفكير في نفسي كشخص حقيقي، وتركي لذلك الشيء ينوب عني في عالم الأخرين، وهي لم تعد تنظر في عيني مباشرة منذ تلك اللحظة، الى أن ظهرت "صالحة" في حياتنا. وبعد ذلك بأيام جاءت تلك المكالمة الغامضة ..."

عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر
نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ 30 يونيو 2015
______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق