بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 سبتمبر 2015

الهرب ...

        " ... لكن ما أن وقف "لماذا الوردة" على رجليه وتفرس مليا في حشد الرجال الملتفين حوله يواسونه لأمر لم يتبينوه، شعر بذعر شديد، وهو يرمق بعضهم بقلق، وانهمرت قطرات من العرق البارد على وجهه حتى بدا كالواقف تحت المطر، ثم أحمر وجهه وأخذت شفتاه ترتعشان ووهو يحاول أن يقول شيئا يخنقه، كان يبدو كما لو كان سيولد من أحشاءه، لكنه لم يستطع. كان الموقف ينير دلهيزا مظلما في ذاكرته. وكفلم قصير راح يستعيد ببطء تلك الواقعة القديمة،وقلبه يرتجف، محاولا قدر جهده - وقد بهت وجهه بغته - أن يضع حدا لتدفق تلك الصور المحزنة، التي كان يعرف أنها ستسري كدفق حار في داخله فتنهكه. ورفع يده -وجفناه يرتعشان بتوتر- و وضعها على فمه، الذي أخذ خيط من اللعاب الرفيع يسيل من طرفه، ليمنع نفسه من البكاء، قبل ان يسمع أحدهم يصيح (لا اله الا الله)، من بين الجمع الذي خيم عليه الصمت. ثم اصطدمت رشة ماء قوية وكثيفةبوجهه فالتفت مصدوما تجاه الرجل الذي كان يحمل الدلو المتقاطر، وعينيه الذاهلتين ترسلان شعاعا ينم عن حاله، و استدار المسكين نحو الشمال باحثا عن مهرب، قبل أن يستجمع بقايا قوته ليدفع أحدهم بشدة وهو يضغط شفتيه بأقصى ما يستطيع الى الأمام كرأس سهم، كاسرا حلقة العظم اللحم التي تحيط به كقفص دجاج. ثم اندفع بحركات عدوه الغير متناسق باتجاه نهاية الشارع، بينما وقف "المريد" ومجموعة الرجال مندهشين دون أن يحاول أيا منهم ان يلحق به. و لم يلبث "لماذا الوردة" أن اختفى عند عند نهاية الشارع وهو يلهث.

عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر
نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ  16 سبتمبر 2015
____________________________________________

Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق