بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 11 يوليو 2015

ربما لم يكن من الضروري ان يعود الراوي ...

        ... ربما لم يكن من الضروري أن يعود الراوي - بعد أربعة عقود - الى سنوات طفولته المتاخرة، ليتذكر "لماذا الوردة" ، فحياة هذا الأخير لم تكن تشكل في تفاصيلها المعروفة له في البداية أي شيء استثنائي. ولم يكن هذا الرجل سوى غريب أطوار، مثل الكثيرين من أمثاله، الذين مروا كأطياف شاحبة باهته في فضاء المدينة -التي وصفها أحدهم بمدينة الدراويش - دون أن يلاحظهم أحد غير بعض المتصدقين و فاعلي الخير. ولعله كان من الممكن أن لا يشكل الغريب أي فارق، في تلك الأحداث العجيبة والغريبة التي كانت تتفاعل و تتداخل لتهز المدينة وسكانها من الصميم.

         نعم ... كان من المحتمل جدا أن يكون "لماذا الوردة" قد واصل مسيره من أمام ضريح "الوشيش" وحتى "سوق الظلام"، ملتحفا الظلال و الأنوار الصفراء الخافتة لشارع الجامع - بدلا من انعطافه الدرامي الى شارع الكنيسة-  دون أن يلفت انتباه أحد، حيث كان سيتحصل بدون أي شك على التبغ و الطعام والمأوى ليوم أو عدة أيام، ليغادر بعدها المدينة الى احدى القرى أو المدن المجاورة. حيث سيتمكن من العيش هناك في شرنقتة الواقية في أحد الشوارع الخلفية المقفرة، لائذا بفقاعة من الصمت وخربشات قلمه، أو مسترقا النظر نحو الأخرين وهم في دوامة وجودهم المنوم، منهوكي القوى، ونظراتهم تائهة في المجهول، تدفعهم عقارب الساعة بلا كلل نحو مستقبل مبهم يصعب التكهن به. أو عابرا، دون أي انتباه من جانبة، هذه الكتل من الكلمات والجمل الطويلة السابقة، ليكمل بقايا حياة حضور انساني لا تجد من يحكي سيرتها وهي تمضي بدمارها الى نهايته، ليغيب في الظلام بين سطور سفر المصير الكبير ، دون أن يجد من يتذكره ، و يتفكر في مغزى حياته ... أو يحزن لغيابه.

عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر

نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ 11 يوليو 2015
______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق