بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 يوليو 2015

الصرخة القلقة ...


        ... في الحقيقة لم يتفكر صاحبنا حينها في عبارة "هل حجبنا الشمس؟" التي نطقها الشيخ بشكل درامي، ولم يعلق للتو بأي شيء لانه كان محتجزا في صمته القهري بتأثير رعبه الداخلي من الصرخات الغامضة. وأحس "لماذا الوردة" بجسده يهتز بقوة، عندما عرف عند الصرخة السابعة أنها صدرت منه نفسه ولا أحد غيره، وكان ملؤها الآلم و الوحشة، كما لو أنها انفجرت من نبع الخواء ذاته، حتى أنه بالكاد تعرف على نفسه فيها. وتكور الرجل على نفسه - وقطرات من العرق تتلألأ على جبينه - محاولا السيطرة على ارتعاش جسمه، وهو يتابع جملة العجوز الاخيرة: "ولم يسمع، في ذاك الخلاء العظيم أي فان أخر صدى تلك الصرخة القلقة!". و فجاءة ردد المكان صوت فرقعة صدرت عن المدفأة ، فانتبه أحد المريدين الشباب لحالة الضيف، فدثره بغطاء صوفي غليظ ، وسحب الموقد الصغير الذي يحرق فيه الفحم الى جانبه، فخف إرتعاشه، وشعر بأنه أكثر ضعفا.

وخلال هذا كله ، كان الشيخ يتحدث عما في حياة الأولياء والصالحين من دروس، دون أن يوليالاهتمام لـ "لماذا الوردة" باستثناء بعض النظرات العابرة، بينما لفت هذا الأخير بصوته المرهق انتباه الشيخ - وهو يحاول أن يوفق بين الأفكار الملتبسة التي كانت تدور آنذاك في خلده -  الى أنه "مادمت كل السبل تقود الى اللامكان، فقد كان على الصالحين أن يلزما ذات الطريق". غير أن"لماذا الوردة" لم يدري حقيقة أن خرجت تلك الكلمات من فمه أم لا، وعلى كل فلم يكن لهذا أن يثير أية ندوب نافرة في واجهة قناعاته. ورغم هذه الشكوك، فقد رمشت عينا الشيخ بلا انتظار- عندما كان في أوج لذة حديثه المسكر- ثم تولاه شرود من يتأمل شموع قربان للأرواح التائهة."

عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر
نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ 20 يوليو 2015

______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق