"... و لم يلبث في الدقائق التالية من تلك الليلة أن استلسم العجوز لشعور قوي لا يدري كنهه يدفعه للتوقف عن التحدث، وكان يبدو بعينيه المفتوحتين كثقبين لا قرار لهما و تجاعيد وجهه و حاجبيه المقطبين وكتفيه المتدليين، كما لو كان يحس في داخله نوعا من القلق الذي لم يعايشه منذ زمن طويل، ثم رفع بصره باتجاه "لماذا الوردة"و نظر الى ما وراء وجه ضيفه الغامض ،و وهو يتفكر لبرهة في السؤال الذي طرحه الغريب: "هل قلت أنه صرخ: "هل عميت؟"... أم "أنا عميت" .
بعد ذلك لم يعد الشيخ يجد في نفسه الرغبة لتقييم مستوى مريده في "مدارج السالكين" كما كان قد عزم في البداية، و لم يعد يهتم بما يدور حوله، و قضى الوقت منشغلا بنفسه في محاولة تذكر شيئا ما مر عليه زمن طويل، و شعر المريدون بذلك فتركوه لحاله. وبعد موعد صلاة العشاء خرج الشيخ وانفض مريدوه بالتدريج. وعندما ودع المريد الأخير "لماذا الوردة" وأغلق عليه باب الزاوية ورحل، كان هذا الأخير يحدث نفسه بأنه قد رأى العجوز من قبل في مكان ما، و ربما كان آنذاك من دون لحية، ولكنه أحس في نفسه شعورا مرا، يخبره بأنه ليس مهيئا لعودة تلك الذكرى. ولم يلبث أن التهم السكون كل شيء، و ذوى ببطء الصدى - "يا الهي … هل حجبنا الشمس؟"- الذي كان يتقافز في دماغه، فانخرط لتوه في نوم عميق، فقد كان تعبا بحق."
بعد ذلك لم يعد الشيخ يجد في نفسه الرغبة لتقييم مستوى مريده في "مدارج السالكين" كما كان قد عزم في البداية، و لم يعد يهتم بما يدور حوله، و قضى الوقت منشغلا بنفسه في محاولة تذكر شيئا ما مر عليه زمن طويل، و شعر المريدون بذلك فتركوه لحاله. وبعد موعد صلاة العشاء خرج الشيخ وانفض مريدوه بالتدريج. وعندما ودع المريد الأخير "لماذا الوردة" وأغلق عليه باب الزاوية ورحل، كان هذا الأخير يحدث نفسه بأنه قد رأى العجوز من قبل في مكان ما، و ربما كان آنذاك من دون لحية، ولكنه أحس في نفسه شعورا مرا، يخبره بأنه ليس مهيئا لعودة تلك الذكرى. ولم يلبث أن التهم السكون كل شيء، و ذوى ببطء الصدى - "يا الهي … هل حجبنا الشمس؟"- الذي كان يتقافز في دماغه، فانخرط لتوه في نوم عميق، فقد كان تعبا بحق."
عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر
نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ 5 أغسطس 2015
______________________________________________
Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق