بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 3 سبتمبر 2015

نوابض الغضب...

  " (سيارة جميلة) قال الاستاذ "رامي" محاولا فتح حوار معي، وهو ينزل زجاج السيارة قليلا.

(أنها سيارة أبي) أجبته، وأناأبعد وجهي الى الجهة الأخرى، لاخفي الشعور الذي انتابني في تلك اللحظة.

(اذا فقد حرمناه منها اليوم) تابع الاستاذ حديثه.

(للاسف لم يعد يحتاج اليها) أجبته ثم أضفت (لقد توفى منذ سنة).

مد الدكتور يده، و أدار مفتاح الراديو خانقا صوت المغني بلارحمة.

(لتتنزل عليه الرحمة) قال محاولا مواساتي، ثم مد يده وربت على يدي الموضوعة فوق ذراع تغيير السرعة في السيارة بلطف، ثم استطرد (هل كان مريضا؟).

(هل كان مريضا؟) سأل بنغمة هادئة، فالتفت ببصري الى الجهة البعيدة بحركة تمثيلية بائسة معطيا الانطباع بأني لم أسمع، غير أن الاستاذ عاد ليطرح السؤال بحماس نضالي، وهو يحدق في بعينية الذكيتين بفضول متحرق، كما لو كان يحاول جس بشرتي.

(لقد مات في السجن) أجبته بصوت اهترى ثم انطفى في نهايته فتنحنحت، ثم لذت بالصمت للحظة قبل أن أكمل : (لقد كانوا يعاملونه كسجين رأي). قلت هذا ،ثم شعرت بأني أتوق لآن تقذف بي عاصفة الى حيث لا يعود التفكير مؤلما، فقد كانت نوابض غضبي قد تحررت.

(اللعنة)أجاب وهو يرفع يديه فجأة ليخفي وجهه. ثم كرر لعنته مرة أخرى وهو يضرب بيده الكتاب ألذي كان يتشمس علي فخذه بقوة.

(ماذا، ... ماذا. ... ما الذي حصل ياأستاذ رامي ؟) سمعنا السؤال ، ثم برز بيننا من الخلف وجه الطبيب"علي" مقطبا حاجبيه، بعد أن سبقه صوته. و عندما شاهدت في المرآة عينيه الجاحضتين تتدليان حول أنفه كحبتي عنب وحيدتين في عنقود، خمنت أنه قد أستفاق بتأثير أنين الكتاب."

عن مخطوط رواية "الوردة بدون لماذا" . تأليف أحمد عبد السلام بن طاهر
نشرت على صفحتي على الفيس بوك بتاريخ  3 سبتمبر 2015
____________________________________________

Copyright© 2015 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2015 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق